أخبار وتقارير

عبد الباري طاهر: المؤتمر والإصلاح آتين من بيئة واحدة، حتى وهم يتقاتلون متوحدون على تجريم الحريات العامة والديمقراطية

يمنات

قال: عجزت الحكومات المتعاقبة عن سن قانون ينظم حمل السلاح، وصاغت عشرات القوانين القامعة لحرية الرأي والتعبير
أكد المفكر عبدالباري طاهر رئيس الهيئة العامة للكتاب نقيب الصحفيين الاسبق ان الصحافة وحرية الرأي والتعبير هي ام الحريات التي تدافع عن الحريات جميعاً، ولا مجال للحديث عن تعددية حزبية وسياسية او دولة نظام وقانون او التحاق بالعصر الا بوجود الصحافة والاعلام وحرية الرأي والتعبير.
وتطرق عبدالباري طاهر في مقابلة متلفزة مع برنامج “لحظة فاصلة” بثتها قناة الساحات الى أن ما تمر به الصحافة من ممارسات قمعية واستهداف الصحفيين والعمل الاعلامي وتغول الدولة على حرية الرأي والصحافة، منتقدا قانون الاعلام المرئي والمسموع المطروح أمام مجلس النواب.
ونوه المثقف الوطني طاهر الى ان المليشيات المسلحة والصراع الطائفي والقبلي، والاحتكام الى السلاح، والاستناد الى القبيلة، وتوظيف المقدس الديني في الصراع السياسي تقف عائقاً أمام مشروع بناء دولة مدنية عصرية حديثة.
إلى نص اللقاء الذي أجراه أحمد الزرقة
أعدها للنشر: بدر القباطي
* لو بدأنا بما تمر به الصحافة من عودة للممارسات القمعية واستهداف الصحفيين والعمل الاعلامي بشكل عام، هل هناك مبرر لهذه الهجمة؟
– واضح للأسف الشديد ان وضع الحريات العامة والديمقراطية والحريات الصحفية على وجه أخص وضع مروع تماما ويبدو ان القائمين الان على الحكم في اليمن يريدون ان يندموا الصحفيين والادباء والكتاب على الماضي، وطبعاً لا شك هم امتداد وجزء من الماضي، لكن الذي حاصل الان حالة من العبث، يعني في الماضي كان يعرفوا الناس جميعاً ان الصحفي يحاكم ويختطف يعتقل لكن الان في إجراءات في غاية القسوة، يعني كانت الدولة تقوم بهذه الوظيفة لكن الان تشارك الدولة عصابات وجهات غير معروفة، ويتعرض الصحفي للتهديد.
الحالة في اليمن حالة من التفلت غير مسبوقة، نحن في اليمن في بلد من عام 1962 عام الثورة اليمنية الى اليوم عجزت الحكومات اليمنية المتعاقبة عن سن قانون لتنظيم حمل السلاح، هذا السلاح الذي دمر البلاد وتسبب في مئات وعشرات الحروب والاختطاف والاغتيال وتدمير أنابيب النفط والاعتداء على الكهرباء والحروب المتناسلة في اليمن شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً كان أبشعها وأكثرها كارثية حرب 94م وستة حروب في صعدة، هذه الكوارث من تحت السلاح الذي أصبح مصدر تهديد لليمن ولليمن وللكيان اليمني وللاقليم وللامن والسلام الدوليين، عجزت الدولة خلال أكثر من نصف قرن من الزمان عن اصدار قانون لتنظيم حمل السلاح..
* مقاطعاً: وليس منعه؟
– وليس منع حمل السلاح. من 82 هناك الان ما لا يقل عن عشرة قوانين تتضمن عشرات المواد القامعة للحريات المصادرة لحرية الرأي والتعبير والتي يصل بعض موادها الى الحكم بالاعدام كما في قانون الجرائم والعقوبات. ايضاً من حرب 94 وحتى اليوم سُنّتْ عشرة مشاريع قوانين كلها تتضمن مواد قامعة للحرية وسالبة للحق ومعتدية على حرية الحق في الحصول على المعلومة والحريات الصحفية. هذه الدولة -للأسف الشديد- لأنها جزء من البنية القبلية المتخلفة، جزء من الفساد جزء من الاستبداد، فعدوها الحقيقي هو الكلمة.
* لماذا تتغول هذه الدولة، الدولة التي يسميها الكثير من المراقبين (الدولة الوهم) لماذا تتغول على حرية الرأي والصحافة والتعبير؟ هل لأن الصحفي هو الاداة الاضعف، ام لأن الصحفي هو من يستطيع بالكلمة أن يخيف هؤلاء الذين يمتلكون ترسانة السلاح؟
– بالضبط. يعني هذا السؤال الحقيقي، او هذه الاشكالية الحقيقية، انه هناك عبر التاريخ منذ قابيل وهابيل الى اليوم صراع ما بين الكلمة وبين السلاح او القوة الغاشمة ما بين الحق والباطل، ما بين قوة الحق وحق القوة، حق القوة الان هو المُتسيد والذي يعبر عن البنية الاشد تخلفاً وجهلا في المجتمع اليمني والذي يقودها شيوخ الضمان وضباط فاسدين وتجار مستصلحين هذه الاطراف كلها لا تستطيع ان تحتكم الى الكلمة، ولا يمكن تقبل بحرية الرأي والتعبير، هي تحتكم الى الغلبة والى القوة ولا تستطيع الحكم ولا البقاء في الحكم بدون هذه القوة، وهذه القوة الغاشمة هي التي تنفي الحق وتنفي الحريات، وتنفي العدل.
* لاحظنا خلال الفترة الماضية انه حتى هؤلاء، شيخ القبليين، والقوى التقليدية وأصحاب النفوذ القبلي والسلاح و…الخ، اصبحوا اليوم هم من يمتلكون الصحف ووسائل الاعلام والقنوات الاذاعية والتلفزيونية ويستخدمونها كجزء من أدواتهم، لماذا يقبل الصحفيون أن يكونوا أداة بيد هذه القوى التقليدية؟
– يعني في جانب، الامام حجة الاسلام الغزالي صاحب احياء علوم الدين يقول “طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون الا لله”، هؤلاء للأسف الشديد استخدامهم لأدوات العصر، لنفي العصر والاعتداء على الحريات، يعني هؤلاء استخدامهم للقنوات استخدامهم للصحف تمويلهم للصحف هو استخدام تكتيكي، لكن قوتهم الحقيقية وسندهم الحقيقي هو في السلاح وتجارة السلاح وتمويل حمل السلاح، ولذلك لا يعيشون الا بالاحتكام الى الغلبة. عندهم الرصاصة أهم بما لا يقاس من الكلمة، وليس سلاحهم الكلمة، واذا لم يتاجروا فيها واذا لم يشتغلوا فيها، وهو في جانب مهم جانب ايجابي ولكن هذا سيرتد الى محورهم وسيفضح زيفهم وخداعهم. نحن في اليمن في وضع شائه للإعلام. الاعلام اليمني -وهو ملك عام ملك للشعب اليمني وممول من المال العام- لكن أنت إزاء اربع قنوات فضائية محتكره للدولة ولحزب الدولة أياً كان هذا الحزب، يكون المؤتمر الشعبي العام، او الاصلاح، او المؤتمر والاصلاح معاً. وأمام ما يقرب من 13 اذاعة ايضاً محتكرة للدول، أمام ثلاث صحف يومية محتكره للدولة، هذا الاحتكار للدولة مصدر من مصادر الخلل، هذا الاعلام يقوم على تزييف الحقيقة، على تزييف الوعي، على أيضاً تسويق وتمجيد الحكم ومعجزات الحكم ولا يتبنى قضايا الناس ولا يهتم بقضايا الناس ويدخل في صراع وفي مماحكات تكون على حساب الحق والحقيقة.
* ما هو دور النقابة والصحفيين أنفسهم ابناء المهنة في الدفاع عن المهنة؟ في الدفاع عن قيم العدالة والخير؟ لماذا فشلت نقابة الصحفيين وهي موجودة منذ أكثر من 30 عاماً في ان تحافظ ان توجد ميثاق شرف للمهنة؟ ان توجد ضوابط لأخلاق العمل المهني؟ ان تحافظ على نقاء مهنة الصحافة؟
– في الحقيقة ولنكون منصفين لأنفسنا ولزملائنا، هذه النقابة في بدايتها، -وأقصد القيادة الحالية للنقابة، ومؤتمرها الاخير- هذه القيادة لعبت دور طيب جداً وشاركت في الربيع العربي، شاركت في الاحتجاجات، شاركت ايضاً في الدفاع عن الصحفيين، في الدفاع عن الحريات الصحفية، لكن في نهاية المطاف انفرط العقد، وتوزعت النقابة على اللعبة القائمة على التشارك وعلى الاقتسام، وعلى ان تصبح طرف من الحكم وليس طرف من تبني قضايا الصحفيين والدفاع عنهم، ولذلك غابت. الان حضور النقابة يكون من خلال زملاء محددين قد لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، لكن النقابة الآن انخرطت في اللعبة القائمة وأصبحت جزء، وشارك جزء من النقابة في مشروع قانون الاعلام المرئي والسمعي وأصبحوا جزء من لعبة الحكم، ولذلك أيضاً هذه النقابة وهي نقابة مهمة جداً ومؤسسه الى جانب اتحاد الادباء والكتاب لكن لو تلاحظ الآن كل مؤسسات المجتمع المدني (فص ملح وذاب) كما يقال، أصبحت جزء من اللعبة، وتوزعت على الاحزاب المختصمة والمقتسمة، ولم يعد هناك صوت حقيقي مستقل في هذه المؤسسات، بما ينتدب الناس جميعاً للتنادي لإعادة صياغة مؤسسات مجتمع مدني حقيقية مستقلة وبعيدة عن لعبة..
* مقاطعا: اذا كان الصحفيون -وهم من يفترض أن يناط بهم دور توعية المجتمع والحفاظ على حريات المجتمع و… و….الخ- اذا كانت نقابتهم فاقدة لشرعيتها مثلها مثل بقية النقابات سواء نقابة المحاميين او نقابة المهندسين، وهي لا تختلف عن الشرعية المفقودة سواء للأحزاب، فالأحزاب جميعها يفترض أن تعقد دوراتها ولم تعقد دوراته، والبرلمان، ومجلس الشورى، المجالس المحلية، الحكومة، رئيس الدولة، هل نحن في بلد فقد شرعيته النقابية والشعبية ولم يعد يعترف بالأطر النقابية؟
– هذا ينطبق عليه المثل القائل (البلاء يعم) يعني نحن أمام بلاء في الحكم لكنه ينعكس على كل مستويات المجتمع، نحن أمام أحزاب حكمت وتشاركت في الحكم -غالبيتها طبعاً- وانقسمت على نفسها وعادت الى الحكم بطريقة معينه اللي هي طريقة التوافق في الحكم، ولكن كان المعول على مؤسسات الحكم المدني وبالأخص اللي هي نقابات رأي، (المحاميين، الصحفيين، اتحاد الادباء والكتاب، ونقابة الحقوق والمنظمات الحقوقية والمدنية) وللأسف هذه تعيش في حالة “موات شتوى وليس بيات شتوي” وتحتاج بالفعل الى اعادة صياغة، الخلل الآن موجود في رأس الحكم وانعكس على مستويات عديدة جدا ومن ضمنها الصحفيين، لكن لا يزال الامل كبير جداً، في هناك اقلام، في هناك بعض قنوات، في هناك كتاب أدباء لا يزالون يتصدون لا يزالون يتحدون، والامل كبير جداً، هذا الشعب اليمني شعب يمتلك خاصة في غاية الاهمية، وهو انه يهمد حتى يعتقد أعداءه انه قد مات، وفجأة -يعني شيخ المؤرخين الجندي يقول لليمنيين وثبات كوثبات السباع- هذه الحالة أيضاً شخصها الزبيري في بعض قصائده انه وصل الى حالة في بعض قصائده الى انه يرثي الشعب، ولكن تبين ان هذا الشعب حي وقادر يتحدى الطغيان ويتحدى الاستبداد، فهذه اللحظة لا يعول عليها لأن الشعب اليمني أيضاً يختزن ويمتلك من القدرات والطاقات ما يقدر يتحدى به هذا الاستبداد الضعيف.
في الفكر الاسلامي والثقافة الاسلامية في نموذجين للحكم، القوي الخائن، والضعيف الامين، يفضل في الفقه الاسلامي، في الفكر الاسلامي، في الثقافة الاسلامية، القوي الخائن.
ويبرر انه الخيانة لنفسه والقوة له ولبقية المسلمين. لكن الضعيف الامين أمانته لا تفيد، وضعفه يشمل الجميع ويكون مردوده عكسي. ونحن الان للأسف الشديد مع نموذج القوي الضعيف الخائن، وليس القوي الخائن.
* وضع نقابة الصحفيين ربما هناك من يحاول اختطاف هذا الدور هناك ربما عدد من المنظمات الخاصة او الجمعيات التي تحاول ان تلعب دور نقابة الصحفيين وهي ايضاً المستفيدة من غياب نقابة الصحفيين، هل بالإمكان فعلاً أن تحل هذه المنظمات والجمعيات الفردية محل نقابة الصحفيين؟ خاصة انه في بعض الاحيان تتحول الى أشبه ما يكون بدكاكين؟
– شوف النقابة لا يزال لها دور مهم جداً، لأنها جسم يضم غالبية كبيرة جداً من الأفق الصحفي، وهذه المنظمات تلعب دور طيب، وتلعب دور ربما في جانب معين أفضل من نقابة الصحفيين من ناحية رصد الانتهاكات، في مسؤولية حرية الاعلام، أو في صحفيات بلا قيود، وفي بعض المنظمات للأمانة قامت بدور في مسألة رصد الانتهاكات خاصة للأعوام المتأخرة، حرية الاعلام مثلاً رصدت العامين 2011 و2012، صحفيات بلا قيود أيضاً راصدة للعامين 2012 و 2013، هذا الرصد للانتهاكات مهم جداً للصحفيين وللتاريخ وللمنظمات الدولية التي تهتم وتحتفي بحقوق الانسان، النقابة مقصرة في هذا الجانب، للأسف الشديد مسألة رصد الانتهاكات لم يصبح تقليد في نقابة الصحفيين ليس بالنسبة للقيادة الحالية، وانما منذ البداية للأسف، لم نهتم جميعاً برصد الانتهاكات وهي مسألة أساسية في تقاليد النقابات الصحفية، الآن المسألة الأهم اننا لا نتنازع الاختصاصات، هذا المجال مجال تنافس وفي مثل هذا المكان فليتنافس المتنافسون، لكن أهم شيء ان لا تغيب النقابة، دور النقابة لا يزال قائم ولا يزال حيوي، كيف الصحفيون يجددون شرعية نقابتهم، يدعون الى مؤتمر عام يعدون لهذا المؤتمر، يعيدون صياغة النقابة بما يتوائم والظرف القائم في البلاد الآن وهذه مسألة ممكنة ومتاحة ومعول على جيل الشباب في نقابة الصحفيين.
* الا ترى ان الحكومة او الجهات السياسية تعمد الى رشوة الصحفيين؟ خاصة في مجلس النقابة لاحظنا تعيين عدد كبير منهم في مناصب قيادية في المؤسسات او غيرها بسبب وجودهم او نشاطهم النقابي وهذا أثر على النقابة، كيف بالإمكان ان نحافظ على او نستطيع ان نقول ان من دخل مجلس النقابة يستطيع ان يظل نقابياً، لا ان يتحول الى شخص مستفيد من عملية التقاسم السياسي؟
– يا اخي السياسيين في هذه البلاد يأكلون الثوم في فم الصحفي، هم يقدموا له الفتات واغراء تافه ولا معنى له مقابل ان يسلبوا منه روح الحق روح النضال روح الدفاع عن حقه وعن حق زملاءه وعن الحريات العامة والديمقراطية. في بلد كاليمن الامية فيها تتجاوز ال60 في صفوف الرجال، وتتجاوز ال70 وال80 في صفوف النساء، يبقى ليس هناك مجال للتحدث عن تعددية سياسية وحزبية والتحاق اليمن بالعصر ودولة نظام وقانون الا بوجود الصحافة، بوجود الاعلام، لأن الصحافة وحرية الرأي والتعبير هي الحرية الام التي تدافع عن الحريات جميعاً. يعني هي تدافع عن العامل عن الفلاح عن الطبقة الوسطى عن الحقوق المدنية عن النظام والقانون وعن الدستور وعن كل هذه المعاني العظيمة، ولكن هذا الجانب في صراع ما بين الاستبداد الفساد وما بين المكاشفة والعلنية وفضح الفساد الذي يقوم به الصحفي والصحافة، هذه الوظيفة تظل الخطر على الوضع القائم والوضع الماضي ايضاً وربما للمستقبل، بدون حرية الرأي والتعبير وجود كيانات نقابية حقيقية، -خاصة المحاميين والصحفيين- يظل هناك انتقاص كبير جداً في الحق وفي المواطنة وفي كل معاني الحريات.
* اذا ذهبنا ايضاً لوضع نقابة الصحفيين من الداخل هي مهلهلة، النظام يشترط انه اذا تغيب أحد أعضاء مجلس النقابة ست اجتماعات ان يتم تغييرة، لاحظنا انه أعضاء مجلس النقابة لم يجتمع منذ عامين، ايضاً هناك عدد ربما 50% من أعضاء مجلس النقابة لم يدخلوا مبنى النقابة سوى مرة واحدة، كيف بالإمكان ان نتحدث عن اصلاح الاوضاع و…و….الخ ونحن فشلنا في اصلاح البيت من الداخل؟ من يتحمل هذا الخلل؟ هل تتحمله الجمعية العمومية ام يتحمله المجلس؟
– هو شوف في مسؤولية مشتركة وخلل مشترك تتحمل مسؤوليته بالدرجة الاولى قيادة النقابة الحالية، التي عليها الان ان تعد الامور للدعوة الى مؤتمر عام يعيد صياغة النقابة ويجدد شرعية النقابة، وخلل أيضاً ما بين الصحفيين، ما بين الصحفي الذي هو عضو في النقابة، مسؤوليته انه اذا لم يدافع عن حقوقه اذا لم يدافع عن كيانه، اذا لم يدافع عن شرعية نقابته واستقامة واستقلال وكفاءة قيادته النقابية لن يكون مؤهل لأن يصلح البلاد والعباد، وهناك قول مأثور وشهير للسيد المسيح ولشكسبير ايضاً “ماذا يفيدك ان تكسب العالم وتخسر نفسك” اذا لم تكسب نفسك، اذا لم تكسب قضيتك يصبح التعويل على ان تدافع على قضايا العالم، امر موهوم ومشكوك فيه، ودائما اليمن يقول “الذي لا يكون لأمه لا يكون لخالته”.
* اذا ذهبنا باتجاه لماذا فشلت النقابة، او ترفض النقابة، او يرفض عدد من الصحفيين، التوصل لميثاق شرف يحمي المهنة من الداخل يحميها من الانتهاكات، يحميها من ان تتحول الى اداة للابتزاز؟
– قضية المواثيق الصحفية هذه لا تكون أسطورة، منذ المؤتمر التوحيدي عام 90 حتى اليوم صيغت عشرات مواثيق الشرف، لكن الشرف يرتبط بوعي الناس بقضيتهم ، وعي الناس بحريتهم، وعي الناس بمصالحهم، للأسف الشديد هذه القوانين كلها التي صيغت كانت هباء منثورا، والمشكلة دائماً ليست في النص، هذه البلاد عرفت نصوص هائلة جداً ولكن يكون النص في جانب وممارسة الناس وعملهم في وادي آخر، انا أتكلم الآن على كل حال، ولم أعد صحفي لأننا خرجت من النقابة بعد التعيين الأخير وأصبحت في الهيئة العامة للكتاب، لكن كانسان على الاقل من باب الفضول، من باب الولاء لجزء من الارتباط بهذه المهنة على مدى طويل وككاتب ايضاً مازلت أكتب، وكجزء من تاريخ وضمير الانسان أجد نفسي ايضاً مهتم. نحن على كل حال في المؤتمر الاخير شُكلت قيادتين، قيادة للنقابة وقيادة من النقباء السابقين لصياغة نظام داخلي، وأعضاء من الزملاء في قيادة النقابة شاركوا في صياغة نظام، هذا النظام الآن مختلف عليه، نحن نقول لزملائنا في قيادة النقابة، يا جماعة ادعوا الى مؤتمر، هذا المؤتمر نحن سنحضره بحكم اننا انتخبنا في المؤتمر الذي انتخبتم فيه ونقدم هذا النظام. وهذا النظام الان يطرح صيغة للنقابة مختلفة عن صيغة المركزية والقيادة الموحدة والقيادة التاريخية التي كانت قائمة، ونعيد صياغة النقابة على أساس اعطاء الفروع وقيام كيان للنقابة يعطي للفروع صلاحية وقدرات وامكانيات كما هو موجود في صنعاء تماماً. ونحن مختلفين على هذه القضية والمسألة معطلة، ايضاً الدولة دائماً تستخدم مؤتمرات النقابة والكيانات النقابية كنوع من الدعاية السياسية، كنوع من التهريج، كنوع من اضفاء صيغة الديمقراطية والاهتمام بقضايا الحريات ومؤسسات المجتمع المدني ولا تهتم بقضايا الصحفيين. وايضاً للأسف -عدم الاستقلالية المالية وتوزع جزء كبير جداً من اعضاء قيادة الصحافة على الاحزاب السياسية التي موجودة في الحكم الان- مصدر خلل كبير في الوضع القائم.
* استاذ عبدالباري لدينا فاصل قصير وبعده سنناقش أثر المحاصصة ليس فقط على الصحافة والصحفيين ولكن على مستقبل البلاد ومستقبل حل الازمات التي تواجهها.
فاصل اعلاني
* كنا نتحدث حول أوضاع النقابة وحول القوانين التي يحاول البعض التسويق لها ربما في وقت غير مناسب لها، هناك قانون للأعلام المرئي والمسموع موضوع أمام مجلس النواب، وفيه العديد من الثغرات التي تهدد حرية الرأي والتعبير، وايضاً ربما تنص على فرض قيود تجاوزها الزمن، وتحاول العودة باليمن الى ما قبل 90؟
– هناك الآن قانونين، القانون الاول (حقوق الملكية الفكرية والحقوق المجاورة) هذا القانون اقر في مجلس النواب، وطرحت وابديت عليه ملاحظات، وأثار ضجّة لأنه قانون يتضمن قضايا تفتئت على حرية الرأي والتعبير وتصادر حق الحصول على المعلومة، ويتضمن مواد تنص على الشريعة الاسلامية في مكان لا علاقة له بالشريعة الاسلامية، وأيضاً ينفتح على القوانين الرقابية الأخرى ويقع في نفس الخطيئة التي وقع فيها قانون الصحافة عندما انفتح على القوانين العقابية الأخرى، وهي لا تقل عن عشرة قوانين كلها تتضمن مواد قامعة. القانون الثاني (القانون السمعي والمرئي) المقدم الآن لمجلس النواب، هذا القانون يصاغ الآن بمثابة وضع العربة أمام الحصان، يتجاهل مخرجات الحوار، يتجاهل انه الان التوافق اليمني والعربي والدولي على صياغ دستور جديد بموجب مبادرة التعاون الخليجي والقرارات الدولية، ويصيغ قانون لا علاقة له بما حصل باليمن منذ الثورة الشبابية الشعبية السلمية، فهذا القانون لازم الآن يكون في هناك أصوات. والآن الاستاذ مروان دماج وهو الأمين العام للنقابة اتصل لي وقال لي انهم انضموا الى المطالبة بتجميد هذا المشروع، هذا المشروع المفروض يكون المطالبة للدول الراعية لمبادرة التعاون، وللمجتمع الدولي بإيقاف مثل هذه المشاريع، لأنها تصطبئ صياغة دستور جديد للبلاد وتشكل أيضاً عوائق أمام ازدهار حرية الرأي والتعبير.
* في الوضع هذا هناك انفصام في موقف النقابة، هناك عدد من أعضاء مجلس النقابة ساهموا في صياغة هذا التقرير، ذهبوا الى الاردن في ثلاث ورش عمل، وقَّعُوا على المسودة الاساسية ونوقشت داخل نقابة الصحفيين، فكيف اليوم تقول نقابة الصحفيين انها ضد هذا القانون؟
والنظام الاساسي للنقابة يقول أنه لا يحق لأي طرف، او لأي عضو من اعضاء مجلس النقابة تمثيل النقابة دون الرجوع الى مجلس النقابة؟ – انت يا أستاذ أحمد كنت موجود عندما تقدم زملاء من يمانيون ضد الفساد بهذا المشروع في النقابة، كنت موجود وكنت من الناس المحتجين والمعترضين على تقديم هذا الكلام قبل عامين. يومها نقابة الصحفيين غابت ولم تحضر، وكان في واضح انه في هناك رفض لهذا المشروع، لكن تم الشغل عليه، وقُدِّم بصيغته النهائية. المأساة أنه يقدم الأن في ظل أن البلد تصيغ دستور آخر مختلف، ومش معقول انت تعمل قانون قبل الدستور.
* البرلمان هو ايضا منتهية صلاحيته وبحسب المبادرة الخليجية لا يحق له مناقشة أي قوانين خاصة فيما يتعلق بالحريات العامة؟
– البرلمان الآن ليس له بموجب مبادرة التعاون الخليجي الّا وظيفة واحدة وهي تسهيل مهمة التوافق ومراعاة اللائحة التنفيذية لمبادرة التعاون الخليجي. لكن الآن بالفعل القوى التي لديها مصلحة في بقاء الوضع الحالي، في عدم اصلاح اوضاع البلاد، في عدم اصلاح البلاد وإخراجها من المأزق القائم، هي التي تسن، وحريصة على ان تسن قوانين تعيق المستقبل وتقطع الخط…..
* مقاطعاً: برلمانيون ضد الفساد يفترض انهم جزء من التجمع اليمني للإصلاح، او عدد منهم في كتلة التجمع اليمني للإصلاح وهي كتلة يفترض انها جزء من الثورة، كيف بالإمكان ان يحاول جزء من الثورة اعاقة الثورة او تكبيل الحريات العامة، هل التجمع اليمني للإصلاح موقفه في البرلمان سيكون مع مثل هذا القانون؟
– للأسف الشديد كل قوى المشترك، وكل القوى المتحاربة والمتطاحنة، المؤتمر وحلفاؤه والاصلاح وشركاؤه كلهم مشتركين الآن في الخلل القائم، مشتركين في تقديم مشاريع ضد الحريات العامة والديمقراطية، مشتركين الان في تبني قوانين لا علاقة لها بالعصر، مشتركين في تبني قرارات تفتئت الحق تفتئت على حرية الناس، لكن الاصلاح يتحمل الان المسؤولية الكبرى لأنه أصبح الحزب الحاكم، الآن نحن أمام حزب حاكم هذا الحزب الحاكم الآن يسخر الامكانات والقدرات ونفوذه في بعض المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني ومن ضمنها نقابة الصحفيين، للإشتغال على قوانين تتصادم مع ارادة الناس، ومع مبادرة التعاون الخليجي، والاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق والحريات، كل هذه الان تمارس بالفعل لقطع الطريق على المستقبل، لكن مسؤوليتنا نحن ومسؤولية الصحفيين أياً كان انتماؤهم أن يتصدوا لمثل هذا العبث.
* التجمع اليمني للإصلاح يقول انتم تبالغون في انه الاصلاح حزب حاكم، الاصلاح لديه خمسة وزراء والاشتراكي لديه ربما ثلاثة وزراء، المؤتمر الشعبي العام ما زال لديه نصف الحكومة، هل بالإمكان فعلا انه الاصلاح من يمارس كل هذا الخلل والخراب الذي في البلاد؟
– الخلل مشترك، هو خلل مشترك، لكن الحزبين الحاكمين الحقيقيين هما الاصلاح والمؤتمر، وهم الذين حكموا بالتحالف في الماضي، وتحالفوا وتحاربوا، ولا يزالون. شوف هذه القوى هي آتية من طينة واحدة من بيئة واحدة، من تفكير واحد، من مصالح مشتركة. هؤلاء وهم يتقاتلون متوحدون. متوحدون على تجريم الحريات العامة والديمقراطية. الان عندما نتناقش عن الصحافة بشكل مجرد، الصحافة لها علاقة بالأساس بمناهج التربية والتعليم، والاصلاح منذ السبعينات حتى الان والاخوان مسلمون مسيطرون على مناهج التربية والتعليم، لها علاقة بخطاب المسجد المكفّر والمخوّن، وهذه مرتبطة بالعمل السياسي المتحزب، له علاقة بالتيارات الاسلامية، ومسيطر عليها منذ ثلاثين عام، هؤلاء كانوا الذراع الاساسي، نحن أمام وضع ولا بد ان هذه المسألة تناقش في اليمن بكل الصراحة، وبكل الشجاعة.
في عام 1962 طرحت القوى المتخلفة بيت حميد الدين، ورموا بالتهم كلها والجرائم على بيت حميد الدين وحكموا باسم انهم البديل الاشرف والانظف والاطهر لبيت حميد الدين، وكانوا جزء أساسي من ادوات بيت حميد الدين.
بعد 5 نوفمبر أصبحوا حاكمين، بعد الوحدة اليمنية بعد حرب 94م أصبح الاشتراكي هو المتهم. الان ايضاً نلاحظ ان التهم تتوجه الى علي عبدالله صالح شخصياً، بينما حلفاء على عبدالله صالح، أدواته، شخوصه، رموزه الذين حكموا وكانوا نافذين وعبر رؤاه وايديه، هم الحاكمين اليوم، ومع ذلك تشار أصابع ضوئية الى علي عبدالله صالح الشخص، والحكم ليس علي عبدالله صالح الشخص، ولا عائلته، ولا اسرته، ولا بيت عفاش، الحكم في اليمن الآن يتشارك، وهو الذي حكم في الماضي ويحكم بأساليب الماضي، الآن احتجاجنا الكبير الامور تتدهور وتسوء أسوأ مما كانت عليه.
* الاسبوع الماضي كان معي الاستاذ أنيس حسن يحيى وقال أن اللقاء المشترك انتهى افتراضياً على الواقع، لماذا الحزب الاشتراكي لا يعلن موقف واضح ويعيد بناء تحالفات جديدة تتيح له التحرر من هيمنة حزب الاصلاح على اللقاء المشترك كما يشكو دائماً؟
– يا سيدي هذه الاحزاب كلها التي إشتركت في المشترك، الآن كلها جزء من جريمة الحكم، وجزء من خطيئة الحكم، ولا يمكن التبرير لأي طرف من الأطراف، شأنهم شأن الاصلاح، وجرائم الاصلاح وجرائمهم الآن مشتركة، وهم يتحملون التبعة لأن المسؤولية تضامنية فيما بين شركاء الحكم كاملاً، هذا الحكم الآن يُنَدِّمْ الناس على عهد حكم علي عبدالله صالح، ويقدم نموذج في منتهى السوء، في منتهى البلادة، في منتهى القسوة، ضد أماني وأحلام الناس، ولذلك لابد بالفعل، يعني أنيس حسن يحيى عضو مكتب سياسي، وعندما يشتكي لك أو يشتكي للمواطنين المفروض أنيس حسن يحيى وهو عضو مكتب سياسي ومن المؤسسين للحزب أن يدين موقف حزبه ويتخذ موقف آخر مختلف، لكن أن يشكي لا يكون بنفس أهمية أن يتخذ موقف يترتب عليه دعوة عناصر في الحزب، على كل حال الآن الحزب الاشتراكي اليمني خسر الجنوب بالتحالف مع الاصلاح، والآن يخسر الشمال والجنوب بالتحالف مع الاصلاح، ولكن هذا خيار لقيادة الحزب، والله يفتح عليهم.
* هل فعلاً نستطيع أن نقول أن المثل الشعبي “الحب المسوس للكيال الأعور” ينطبق على ما يدور في صعدة من مواجهات بين الاصلاح وبين الحوثيين، في الاخير هم الاثنين ربما يتصارعون على نفس مربع الخطاب الديني والتلاعب على الوعي الشعبي؟
– زميل صحفي الاستاذ محمد عبدالوهاب الشيباني، صاغ مصطلح جميل جداً، “الاصلاح حوثيون” هذا المصطلح يوري ان هذه القوى التي تحتكم الى السلاح، والتي لديها مليشيات مسلحة، تتحمل مسؤولية القتال كله، للأسف الشديد نحن فقط لا نذم الاصلاح، والحوثيين انهم يحتكمون الى السلاح، ويستندون الى القبيلة، ويوظفون المقدس الديني في صراع سياسي، لا علاقة له بالدين من قريب او بعيد، ولكن اللوم الحقيقي لجيش الدولة ولأمن الدولة الذي يصبح جزء من المليشيات، جزء من الصراع الميليشاوي، وجزء من الصراع الطائفي والقبلي، يعني هذا الخلل الان الموجود في الجيش الذي لم يهيكل في الامن المدخول والمخترق هو الذي يؤدي الى هذه الكوارث.
نحن بحاجة الى دولة تمتلك حق العنف، وتحتكر القوة، وأبسط تعريف للدولة هو ” احتكار القوة” من الدولة الرومانية الى هذا العصر، الدولة هي هيئة فوق المجتمع، تحتكر القوة وهي التي تقود المجتمع، وتخوذ صراعات المجتمع، وتنظم هذا الصراع حسب نظام وقانون ودستور معين، لكن أنت أمام دولة أضعف من القبيلة، أمام جيش أضعف من الارهاب، أمام أمن مخترق من الارهاب، هذا الخلل الموجود، انت لما تقرأ الحالة اليمنية، كلنا نعرف السجون اليمنية، حصون محصنة، يعني يهربوا من السجون من صنعاء من عدن، من المكلا، من الحديدة، عشرات ومئات من السجناء هذه بالتأكيد..، يعني جرائم كبيرة جداً جرائم عظمى، أنت أمام ما يقرب من مائة ضابط من أفضل ضباط الأمن السياسي لا يعرفون جيرانهم أنهم في الأمن السياسي يغتالون، وتقول لي القاعدة، هذا ضحك على دقون الناس، أمام وحدات جيش تحمي مدن، أولا الجيش موجود في المدن، وهذا الجيش الموجود في المدن تُفسده المدينة، ويُفْسِدْ المدينة ايضاً، ليس مكان الجيش المدينة، ومع ذلك يحتل المدن مثلما قال الزبيري ويقتل بالعشرات والمئات وسط المدن، “يا رجال حتى لو عشرين دجاجة، ما يمكن تُقتل بهذه الطريقة”، لو أن هذا الجيش اياً كان لا يمكن أن يقتل كما حصل في وزارة الدفاع المسؤولة عن حماية أمن وسلامة اليمن…
* مقاطعا: من هم خصوم اليمنيين؟ هل السياسيين او الساسة هؤلاء هم خصوم الشعب، وبالتالي على الشعب هذا ان بتحرك شعبي ضد هؤلاء، ام اننا فقط نظل نداريهم وهم يأكلون اليمنيين يوماً بعد يوم؟
– يا سيدي انت أمام ثورة شعبية انطلقت في أكثر من عشرين مدينة يمنية، وعلى مدى سنتين، هذه الثورة تطالب بإسقاط النظام، جاءت مبادرة التعاون الخليجي لإيجاد حل سياسي بدل من الحل الثوري السلمي، الآن الحل السياسي عطَّل الحل الثوري، الذي هي الاحتجاجات السلمية في الثورة الشعبية السلمية، الآن مبادرة التعاون الخليجي يُفتئتْ عليها، لم يهيكل الجيش، لم يعاد صياغة الامن، لم يقم نظام دولة وقانون، كل ما يجري هو تمويه وتزييف للواقع هذا الواقع، هذه القوى التي تحاربت وتصارعت والتفّت على الثورة بالانضمام والالتحاق، هذه القوى الآن المتحاربة والمتآلفة اليوم هي التي تريد بقاء الاوضاع على ما هي، وتستمر في الحكم.
* طيب اذا كان هؤلاء جاءوا من الثورة ومن رحم الثورة، ومع ذلك لم يتغير الوضع بل ازداد الوضع سوء، على ماذا نعول؟ يعني هل فعلاً الافق مسدود في اليمن وعلى اليمنيين أن يتقبلوا فقط أن يتحولون الى ضحايا لهذه العصابات؟
– يا أحمد هؤلاء لم يأتوا من الثورة، هؤلاء الذين أسلموا في عام الفتح، هؤلاء أعداء الثورة الحقيقيين، هؤلاء كانوا أذرع وأيدي علي عبدالله صالح ونظام علي عبدالله صالح.
هو قال كذه، هو قال في أكثر من مقابلة ذهبت انا وهؤلاء هم رجالي – هم لا يزالون رجاله، ولا يزال رجلهم، مصالحهم لا تزال قائمة، يحافظون على مصالحهم، يحمون مصالحهم وهم يتقاتلون متوحدين، لأنهم لا يريدون لليمن أن تبنى فيه دولة نظام وقانون، وهم في رأس الدولة عوائق أمام الدولة، يعني وهو في الدولة يحتكم الى العُرف القبلي، ويدعي الاسلام ويؤسس حزب اسلامي يحتكم الى العُرف القبلي يحتكم الى الثأر، يحتكم الى الغلبة والقهر.
* متى ستنتهي هذه المسرحية؟
– هذه تتعلق بإرادة الناس، يعني الكلام الذي تكلمنا عن نقابة الصحفيين، نقابة الصحفيين هذه من العناوين الرئيسية جداً في الثورة الشعبية السلمية، اتحاد الادباء والكتاب والمحاميين وبقية النقابات لعبت دور في هذا المجال. اذا هناك رهان حقيقي، لابد ان نراهن على دولة مدنية عصرية وحديثة على بناء دولة للنظام والقانون، وعلى ايضاً ارادة الناس الذين قدموا ضحايا بالمئات، وقدموا شهداء ومعتقلين، ومختطفين ومخفيين قسريين حتى اليوم، هؤلاء الذين يراهن عليهم. الان الذي يحصل في اليمن سواء في القبيلة سواء في حاشد، سواء في بكيل، في حضرموت، ان الناس ترفض هذا النوع من الحكم، وتريد دولة للنظام والقانون، الموجودون في رأس الدولة لا يريدون دولة للنظام والقانون، ويريدون دولة فساد واستبداد وبقاء الاوضاع كما هي ليستمر حكمهم. وحقيقة لا يستطيعون لا يستطيعون لا الحكم ولا البقاء في الحكم بدون هذه الصيغة الذي يحكمون بها.
* الان تم تشكيل لجنة للدستور ربما عدد كبير من أعضاء هذه اللجنة زوروا في وثائقهم، زوروا في شهاداتهم، زوروا في معدلاتهم، زوروا حتى في أعمارهم، كيف يمكن ان نثق في لجنة لتشكيل الدستور تمارس الكذب والتزوير والخديعة والغش؟
– انا لا أعرف غالبية أعضاء اللجنة الدستورية، ولكن خذ في الاعتبار انك أمام دساتير العالم، كلها دساتير نمطية، عبدالرزاق السمهوري يرحمه الله، صاغ معظم دساتير البلاد العربية والاسلامية، الدساتير الجانب الاكبر منها أكثر من 60% نمطي، ما يتعلق بالحقوق، ما يتعلق بالواجبات، ما يتعلق ببناء الدولة، بالخصوصية للدولة اليمنية، هذا يصاغ، الان مخرجات الحوار تشكل جزء كبير جداً من هذا الجانب، أيضاً مشاركة وضع هذا الدستور أمام الناس، لابد يكون في هناك تقديم ما توافق عليه من مواد وانزاله للناس لقراءته، للملاحظات حوله، ولكن دائماً الخلل ليس في الدساتير، دستور الوحدة اليمنية دستور لا بأس به ومع ذلك التف عليه، انت أمام وثائق ونصوص جميلة ورائعة في واد، وممارسات اخرى في مكان آخر، لازم تقوى ارادة الناس في التصدي للفساد والاستبداد، لابد ان نستشعر وبوعي كامل أن النظام الذي حكمنا الخمسين العام، هو الذي يحكم اليوم، ولم يتغير الا أشياء تافهة وبسيطة ولا تعبر عن ارادة الشعب اليمني.
* في هناك ربما حالة من الانتهازية الشعبية والسياسية، السلوك الانتهازي أصبح سلوك اعتيادي يومي، وتكرسه الدولة في أذهان المواطنين، لدينا 565 عضو من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني، الان يتم الترتيب لجميع هؤلاء في وظائف، في مراكز حساسة، في مناصب، الان مجلس النواب وافق على تعديل حد المواد التي تتيح توسيع عدد عضوية مجلس الشورى، بحيث يتم استيعاب 111 عضو من أعضاء مؤتمر الحوار، هل بالإمكان فعلا ان نتحدث عن ان هناك فعلاً مشاركة شعبية، ومشاركة سياسية ومجتمعية في التواطؤ ضد الدولة ضد الخروج من مأزق المحاصصة؟
– المأساة انه منذ البداية بعد طرح مبادرة التعاون الخليجي، رغم ان المبادرة تعترف بالشباب وبدور الشباب، لكن الشباب أُقصي تماماً، خاصة الشباب الذي شارك في الثورة والذي نزل الى الميادين من كل الاتجاهات وبالأخص المستقلين. اقصاء الشباب ترك الحكم قسمة بين المتقاتلين الحاكمين المتقاتلين بالأمس واليوم هم الذين اقتسموا الدولة، ولا يزالون يقتسمون حتى اليوم، لكن مأساتهم انهم يقدمون نموذج أسوأ من النموذج الذي حكموا به في الماضي، النموذج الجديد الذي ينبغي أن يكون مغاير، ومختلف وجديد، ويعبر عن إرادة وتضحيات الناس واستبسالهم يجيء مخيب للآمال ويكون نموذج أكثر سوءاً أكثر فساداً ، اما مجلس الشورى هذا، مجلس الشورى عينه علي عبدالله صالح ليضعه -ما أدري بأي صيغة ممكن يعبر الواحد- يعني للناس الذين قد نبذهم، ولا يزال مجلس الشورى آخذ هذه الصيغة.
* هناك الكثير من الكذبات التي خرج بها مؤتمر الحوار، كان هناك توافق على ان يكون هناك30% للنساء، 30% للشباب، في مختلف التعيينات، لجنة الأقاليم، لجنة الدستور، لدينا التعيينات الاخيرة في الخارجية، في المناصب السياسية، لم توجد فيها حتى 5% للنساء والشباب، او حتى من خارج دائرة الحكم، لدينا التعيينات الجديدة جميعهم او ربما 70% هم من ابناء المسؤولين والسياسيين المدنيين او العسكريين السابقين، كيف نتحدث عن التغيير ونمارس التوريث، الثورة قامت من ضد التوريث، ولكنها الان تمارس التوريث رغماً عن جميع اليمنيين؟
تمارس بصورة أكثر بشاعة، وأكثر فداحة، لأنه قلت لك النظام القديم الآن، النظام القديم، النظام المئتلف، النظام المتوافق، يحكم بصورة الماضي لكن يقدم صورة أكثر فداحة وغبناً مما حكم في الماضي، لأنه لم يجري التغيير الذي يطمح الشعب اليه، نحن التجأنا الى حل سياسي توافقي، ولكن هذا الحل السياسي التوافقي الآن يمسخ ويشوه ويقدم للناس بصورة مرعبة.
* هل بالإمكان ان نراهن على البند السابع والتدخل الخارجي؟ من المعروف انه تدار بعض السفارات عبر توصيات المبعوث الاممي، هذا البند السابع هل هو أداة للتخويف والترويع والا فقط اداة للابتزاز السياسي؟
– في الماضي كنا نقول “ان الله ليزع بالقرآن ما لا يزع بالسلطان” والان نحن ايضاً نقول ” ان الله ليزع بمجلس الامن ما لا يزع بالسلطان ولا بالقرآن”، نحن يا احمد يا أخي أمام حَاكِمِينْ، لا يخاف الله، ولا رسوله، ولا يحترم ارادة شعبه، ولا يحب الناس، أمام حاكم وطنه كله وضميره كله مرهون بالفلوس وبما ينهب، يعني نحن الآن أمام صيغة، يطرحون مسألة استرداد الاموال المنهوبة، الآن الذين يقولون استرداد الاموال المنهوبة -وهو مطلب حق وعدل- ينهبون الاموال الموجودة، لا نطالب منهم استعادة الاموال ولكن يبقوا على الاموال، الذين أتو على ما تبقى، هم ينهبون الآن ما تبقى من أموال. قرار مجلس الامن على كل حال لأول مرة، ربما لمرات أخيرة جداً، قرارات مجلس الأمن توجه الى دول، لكن في اليمن مش موجه الى الدولة متوجه الى كيانات والى أشخاص هذه الكيانات وهؤلاء الاشخاص نهبوا، تاجروا بالسلاح، تاجروا بأرواح الناس، دمروا ثروات بلد، نهبوها وسرقوها، وهم لا يتعظون لا بالتوراة ولا بالإنجيل ولا بالقرآن، يتعظون فقط بالذي يعرفون أن أموالهم مودعة في خزائنهم وفي بنوكهم وممكن في أي لحظة ينكلوا بهم، ولذلك لا نقلل من أهمية القرارات الدولية، والقرارات الدولية، ليس حباً لنا ولعيون اليمنيين، ولكن مصالحهم، وهؤلاء يستشعرون، أن هؤلاء الحاكمين في اليمن يدمرون مصالح بلدهم، وهم مصدر تهديد للأمن والسلام.
* استاذ في أقل من دقيقة، هل الأفق بالنسبة لليمنيين، ما زال فيه أمل أن نخرج من هذا الوضع؟ ام انه وضع سيستمر الى ما لا نهاية؟
– بكل تأكيد الان انت أمام شعب ينتفض كله، الآن هناك وحدات تنتفض ضد قياداتها الفاسدة أمام أمن ايضاً يتصدى لقياداته الفاسدة، أمام احتجاجات لا تزال مستمرة، هذا الاعلام الآن يعتم ويشوش ويزيف الحقائق (الاعلام الرسمي)، لكن الحقيقة الان ان الشعب اليمني لا يزال لديه قدرات وطاقات، وفي أي لحظة من اللحظات ممكن يتصدى لهؤلاء الحاكمين، شوف بدأت المطالب حقوقية والى أين وصلت الآن، بدأت في الشارع في مدن الشمال متواضعة ووصلت الى اسقاط النظام، الآن الناس عندهم مطالب، اسقاط الحكم الفاسد والمستبد، اسقاط حكومة التشارك القائم، ومع ذلك، يعاق هذا ولا يجري الاستجابة، وهذه المطالب لابد أن تأخذ مداها البعيد.
* استاذ داهمنا الوقت وربما كان الحديث معك شيق وذو شجون كثيرة ولكن اتمنى أن تتاح فرصة أخرى للحديث معك مرة أخرى؟
– شكراً يا استاذ احمد ودائماً السؤال أذكى من الاجابة كما قال استاذنا الجليل عبدالله البردوني.
* أعزائي المشاهدين في ختام هذه الحلقة لا يسعني الا أن أشكر ضيفي الكريم الاستاذ المفكر عبدالباري طاهر والشكر كذلك لجميع طاقم البرنامج ولجميع مشاهدينا على قناة الساحات كونوا معنا في الاسبوع القادم في حلقة جديدة من برنامج لحظة فاصلة.

زر الذهاب إلى الأعلى